فما هَزَّ الصَّويرَةَ كان رعْباً

فَما هزَّ الصَّويرَةَ كانَ رُعْباً
بِفاجِعَةِ الجِياعِ بَكيْتُ لَيْلاً***وَكانَ القـــتْلُ للإنْسانِ سَــــــــــــهْــلاً
تَزاحَمتِ النُّفوسُ تُريدُ خُبْزاً***فجاء رغيفُــــــــهُم سَحْــــــقاً وقتْلا
وفي أوْطانِنا البُؤَساءُ ماتوا***وكانَ القــــتْلُ للتُّعــــــــساءِ جـــهْلاً
حَرامٌ أَنْ يموتَ النَّاسُ جوعاً***وحــــــــالُ النَّــــاسِ للأدنى تَدلَّى
إذا ما الفقْرُ طالَ النَّاسَ ضاعوا***وهذا مـــا بِمـــــــــغْرِبِنا تجلّى
////
متى تَصْحو الضَّمائِرُ والنُّفوسُ؟***متى بالفِعْلِ تنْـــفَعُنا الدُّروسُ؟
أَلَيْسَ البُؤْسُ أَنْ نَبْقى قَطيعاً***تُرَوِّضُنا النَّوائِبُ والنُّـــــــــحوسُ؟
لقدْ بَلَغَ الزُّبى سَيْلٌ عَنيفٌ****وَسادَ الفقْرُ فانْحنَــــــــتِ الرُّؤوسُ
أَروني أيْنَ هُمْ عُقلاءِ قوْمي؟***أَمِ السُّفهاءُ في وطني مَجـــوسُ؟
سنَبْقى في مَواطِنِنا جياعاً***نُساسُ كما يُرادُ ولا نَســـــــــــوسُ
////
بِفاجِعَةِ الصَّويرَةِ في بلادي***تَبيَّنَ عنْدنا حــــــــــــجْمُ الفَســـادِ
وَإِنِّي قدْ رَأَيْتَ النَّاسَ صَرْعى***بِفــــــعْلِ تَزاحُمٍ شَـــلَّ الأَيادي
أَتى حَتْفُهُمْ بِالموْتِ خـــنْقاً***وقدْ كَرِهوا المَجاعَةَ في البـــوادي
لَعلَّ اليأْسَ أَعْماهُمْ فَهاموا***وَعنْ أَرْواحِهِمْ نادى المُـــــــــنادي
وإِنَّ تَدافُعَ الجوْعى خَطيرُ***تَجَسَّدَ بِالصَّـــــــويرةِ فـــي بِلادي
////
رَأَيْتُ بِمَغْرِبِ الجوْعى ازْدِحاما***وَقدْ حصدَ العجائِزَ والأَيامى
مَساكينُ أَتوْا منْ أَجْلِ خُــــبْزٍ***فَماتوا مِنْ تَعاسَتِهِمْ صِــــــياما
وما عَلِمـــوا بِأَنَّ الحَتْفَ آتٍ***لِيَجْعلَ منْ تَدافُعِهِمْ خِـــــــــتاما
وَبِالموْتِ المُريعِ أتى ازْدِحامٌ***فأَنْجَبَ من مآسيهِ الحِـــــــماما
فَكَيْفَ النَّاسُ جوْعى في بلادٍ***بِها الخيْراتُ قَدْ نُهِبَتْ تَـــماما
////
تُحاصِرُنا المَعيشَةُ بالغَلاءِ***وجـــــــــوعُ النَّاسِ فاتِـحَةُ البـلاءِ
ظَلامٌ بالقُرى واللَّيْلُ قَــــــرٌّ***وَجوعُ النَّاسِ أَخْطَرُ في الشِّـــتاءِ
كَأَنَّ شُعوبَنا خُلِقَتْ لِتَشْقى***وَذا قَدَرُ الرِّجالِ معَ النِّــــــــــــساءِ
نَخافُ مِنَ السُّجونِ وَنَحْنُ أسْرى***ونَصْــــــبِرُ كالبهائِمِ للشَّقاءِ
فَـــــما هَزَّ الصَّويرَةَ كانَ رُعْباً***تَشَخَّــــــصَ بِالعَويلِ وَبِالبُكاءِ
////
أَرى الجوعَ في وَطَني عِقابا***كَأَنَّ الشَّعْـــــبَ قد وَرِثَ العَذابا
وهَبَّ الفقْرُ بالإِعْصارِ جوعاً***فَأَرْدى النَّاسَ وابْــــــتَلعَ الرِّقابا
وفاجعةُ الصَّويرةِ في اعْتِقادي***على السُّفهاءِ أسْقَــطَتِ النِّقابا
وَقدْ كَشفَتْ لنا وَضْعاً مُخيفاً***أَثارَ الذُّعرَ واغْتَصَبَ الصَّــوابا
فَأَيْنَ هيَ الحُكومَةُ في بلادي؟***وكيْفَ الجوعُ صارَ لنا عِقابا؟
////
دَعوني أَسْأَلُ الإِنْســـانَ فينا***لماذا تمَّ قَـــــتْلُ الكادِحـــــــــينا؟
لِمَ السُّلُطاتُ غابتْ دون عذْرٍ؟***وما سببُ اخْتناقِ الجائِعيــنا؟
ولولا الجُوعُ ما هَبَّتْ حُشودٌ***منَ الجوْعى تُنادي المُسْلِمــينا
فَكيفَ بمغْربِ الجَوْعى سيرْقى***وَمالُ الشَّعْبِ أَغْنى المارِقينا؟
وإنَّ الفـــــــــقْرَ لا يَزْدادُ إِلاَّ***على أَيْدي اللّصوصُِ الحاكِمينا
محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة