مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

        مع أبي الحسن بن زنباع الطنجاوي في الطبيعة

هو أبو الحسن ابن زنباع ،من رجالات القرن الخامس الهجري،ولد ونشأ في مدينة طنجة بالمغرب وتثقف بثقافة عصره،فدرس الفقه والأدب والبلاغة.أسند إليه منصب القضاء بطنجة ،وعرف بين أهلها بأدبه وعدله،كما أسهم بقسط وافر في الأدب والبيان ممّا دلّ على نبوغه،إذ ساعد في إنماء النهضة الأدبية في عصره.وأكيد أنّه تأثّر بأسلوب شعراء الأندلس.يقول في وصف فصل الربيع بما جادت به زهريته:

  أبدت لنا الأيّام زهرة طــــــــــيبـها****وتسربلت بنضـيرها وقــشيبها

  واهتزّ عطف الأرض بعد خشوعـها****وبدت بها النّعماء بعد شـحوبها

  وتطلّعت في عنــــــفوان شبابـها****من بعد ما بلغت عتي مشيبها

  وقفت عليها السّحب وقفة راحـم****فبكت لها بعيـــونها وقلـــــوبها

  فعجبت للأزهار كــيف تضاحـكت****ببـــكائها وتبشّرت بقــــــطوبها

  وتسربلت حللا تجــــــــرّ ذيـولها****من لـــدمها فيها وشقّ جيـوبها

  فلقد أجاد الــــمزن في إنجـادها****وأجــاد حرّ الشمس في ترتيبها

  ما أنصف الخـــــيريّ يمنع طـيبه****لحضورها ويـــــــــبيحه لمغيبها

  وهــي التي قامت عليه بدفـئها****وتعــــــهّـدته بـــدرّّها وحليـــبها

   فكأنّه فــــرض علـيه مــــؤقّت****ووجـــوبه متعلّـــق بوجـــــوبها

  وعلـى سماء الياسمين كـواكب****أبدت ذكاء العــــــجز عن تغييبها

  زهر تــوقّد ليــــــلها ونـــــهارها****وتفوت شأو خسوفها وغــــروبها

  فـــتأرّجت أرجــاؤها بهبــــــوبها****وتعانــــقت أزهارها بنكـــــــوبها

  وتصـــــوّبت فيها فـــروع جداول****تتــصاعد الأبصار في تصــــويبها

  تطفو وترسب في أصول ثمارها****والحسن بين طفـــوّها ورسوبها

  أوما ترى الأزهار ما مــــن زهرة****إلاّ وقــد ركــبت فقـــار قضـــيبها

  والطّــير قد خفقت على أفنانها****تلقي فنـــون الشدو في أسلوبها

   تشدو فتـــــهتزّ الغصون كأنّما****حركاتها رقــــــــص على تطـريبها

وقد نظم الوزير أبو محمد بن القاسم قصيدة معزّيا فيها أبا الحسن بن زنباع في وفاة أحد أقاربه حيث قال:

  يشاطرك الصــــبابة والسّهادا****ويمــــحضك المـــــــــحبّة والودادا

 صديق لو كشفت الغيـــب عنه****وجــــدت هـــــــواك قد ملأ الفؤادا

 يعـــــزّ عليه رزء بــــتّ عــــنه****شقيق النّــــفس تلهـــــمها سدادا

 أنشفق للعباد ونــــحن منهـم****مـــــن الــربّ الـــذي خلـــق العـبادا؟

  أراد بنا الفـــــناء على ســـواء****ولا بــــــــدّ لـــــــنـــا مـــــمّــــا أرادا

  لئن قدّمت علقا مــــستــفادا****لقـــد أكــرمــــت حـــظّا مستــــفادا

 ومثلك لا يضـــعضعه مـــصاب*****ولا يعــــــطي لنائـــبة قــــــــــــيادا

وما زلت الرّشيد نهى وحاشى****لمـــــثلك أن نعــــــلّمه الــــــــرّشادا

ترك ابن زنباع ذخيرة أدبية تنوعت بين الشعر والنثر وكان  من رواد الشعراء والأدباء في عصره.وقد توفي في نهاية القرن الخامس في مدينة طنجة ودفن بها.

                                            محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة