أُقاومُ بالحروف



قالوا:القلمُ أحدُ اللّسانيْنِ يُخاطِبُ الغُيوبَ بسرائِرِ القُلوبِ على لُغاتٍ مُخْتَلِفَةٍ منْ معانٍ معْقولةٍ بِحروفٍ معْلولةٍ مُتبايِناتِ الصُّورِ مُخْتلفاتِ الجِهات.لِقاحُها التّفكيرُ وَنِتاجُها التّدْبيرُ.تَخْرسُ مُنْفرداتٍ وتَنْطِقُ مُزدوجاتٍ بلا أصْواتٍ مسْموعةٍ ولا ألْسُنٍ مَحْدودةٍ ولا حركاتِ ظاهرة..وهكذا يسْتَمدُّ القلمُ بِحبْرِهِ فَينْثُرُ في القِرْطاسِ بِخَطّهِ حُروفاً أحْكَمها التّفَكُّرُ وهدى الأَسْماعَ بها الكَلامُ الذي غَزلَهُ العَقْلُ وَنسَجَهُ اللّسانُ فقطّعَتْهُ الأسنانُ لِتَلْظَهُ الشّفاهُ وتَعِيَهُ الأسْماعُ بشتّى الأنْحاءِ والصّفات.
إنّها الأقْلامُ التي تَخْتَلِسُ بِلُطْفها الأحلامَ صافيةَ الجواهِرِ زاهيَةَ الأزاهِرِ لَيِّنَةَ الأعْطافِ ناعِمَةَ الأطْرافِ.تَبْكي وهي مُبْتَسِمةٌ.وَتسْكتُ وهي بما يُطْربُ السّمْعَ مُتكلّمةٌ. أقاوم بالحروف وباليراع
أبى قلمي الرّضوخ إلى الضّباع***وقرّر أن يظلّ من السّــــــباع
تأبّط أحرف الإبداع نــــــــظما***فأشرق بالبيان وبالشّـــــعـاع
وأقسم أن يناضل في بلاد***بها الإفساد عربد في الطّبـــــاع
يلاحقه الذين طغوا علينا***ويأبى الصّـــــــمت في وجه الرّعاع
فهل خبّرت عنّي في عنادي؟***أنازل كالـــــــفرزدق باليـــراع
////
سأرجم بالبيان المارقينا***ومن باعوا المـــــصالح أجمعـــــينا
سأكشف عورة الأوغاد كشفا***يبيّن خبثهم في العــــالمينا
فهم نهبوا بلادي واستبدّوا***وهم بفسادهم نقــــضوا اليمينا
ألم تر كيف أصبحنا قطيعا***نقاد إلى النّوائب مهطــــــــــعينا؟
يسير بنا الكساد إلى مصير***به العدوى ستؤذي المسـلمينا
////
قبيح أن نعيش على الفساد***وذكر الله يأمر بالرّشــــــــــــاد
نمارس في القذارة كلّ فعل***ونفــــسد بالكــــلام وبالأيادي
كأنّ ثقافة الإفساد فينا***أغارت بالــــــــتّلاعب فــــي بلادي
فحوّلت النّفوس إلى سراب***وحوّلت العقــــول إلى جمـــــاد
وهان فما أبالي بالمآسي***لأنّي ما استفدت من اجتهـــادي
////
أتوق إلى التّسلّق في الجبال***وأطمح أن يؤازرني خــــيالي
فديت برغبتي مالي ونفسي***لأفلح في مواصلة الــــــنّزال
وكنت متيّما بغرام نظـــــــم***أجالسه النّــــهار مع اللّــيالي
أفتّش في البلاغة عن بيان***يشخّص منطقي عند السّجال
بأرض كلّ ساكنها غريب***تعيس الحظّ متّــــسخ الفـــــعال
////
ألا أبلغ سماسرة السّراب***بأنّ الغدر ينســـــــب للــــذّئاب
وإنّي قد لقيت الرّجس فينا***تفشّى في الضّمائر كالــضّباب
نبيع نفوسنا بيعا رخيصا***ونكره ما يدلّ على الصّــــــــــواب
وهذا في الحقيقة سوء حال***وعيش ساقط مثل الكـــــلاب
رمانا الدّهر بالأرزاء حتّي***غرقنا في المفـــــاسد كالـــذّباب
////
يراعي في يدي قلم مبين***ونظمه في الرّؤى نظـــم متين
أبوح إليه بالنّجوى فيصحو***كأنّه في يدي قلـــم أمــــــــين
فصرت إذا أصابتني خطوب***أتيت إليه يطلبـــني الحـــــنين
رحيق مثل عطر الزّهر فيه***وفي كفّي بأحــــرفه يليـــــــن
يراع منه غيث الفكر يأتي***وحبره بالمعارف يســــــــــتبين
محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة