رأيت أمانة التّدريس ضاعت

رأيتُ أمانةَ التّدريسِ ضاعتْ
أُعارضُ ما يُمارَسُ في بلادي***وأرْفضُ جهرةً نُخَبَ الفــسادِ
أقولُ لهمْ كفى رهباً ونهباً***فعَــصْرُ النّاسِ سبّبَ في الكــسادِ
لماذا تزْرعونَ الفقْرَ فينا***بِغرْسِ السُّحْــــتِ في كلّ الأيادي؟
إدارتُنا يُـــــسيّرُها ذئاب***تراهُـــــمْ في التّــعاملِ كالأعادي
تُعدُّ بها الإتاوةُ كلَّ شيئٍ***كأنّ السّـــــــحتَ من قِيَمِ الجــهادِ
فلا تصمُتْ أمامَ السّحتِ خوفاً***وقاومْ ما يســـيئُ إلى بلادي
////
لماذا الضّادُ طلّقَهُ الأدبْ***فأصبحَ في المدارسِ كالحـــطبْ؟
ألمْ تسمعْ أحاديثَ الأغاني***وكيفَ سيــــــستقيمُ بها الطّربْ؟
ركِبنا في ثقافتنا انحطاطاً***أضلَّ النّاسَ واغْتــصــبَ الأدبْ
وأُجْبِرَتِ العقولُ على انحدارٍ***تدحْرجَ نحو خاصرةِ الحـقبْ
كأنّ وزارةَ التّعــــــليم باعتْ***ثقافتَـــــنا إلى أدْنى الرّتـــبْ
////
تناسلتِ المشاكلُ والعــــقدْ***وفي الأوهامِ أغْــرقَنا النّــــــكدْ
نُفكّر في البطونِ بلا عقولٍ***ونحــسدُ في الأنامِ من اجتــــهدْ
كأنّ طبائعَ الخُبثاءِ فيــــــــنا***توارثتِ النّفاقَ إلى الأبـــــــــد
وتلكَ طِباعُهم إنْ شِئْتَ أمْ لا***لأنّ الطّبعَ يسْــكُنُ في الجــسدْ
لقد ختم الحكيم على قلوب***سيأكلها الحريق من الحــــــسد
////
علينا أن نعود إلى البيان***لنلـــحق بالحــــضارة في الزّمان
فنحن اليوم كالغربان صرنا***نقـــلّد ما نراه من المــــــباني
ونزعم أنّ أنفسنا استقامت***وسوء الحال يعــكس ما نــعاني
أضعنا الصّدق في التّعليم لمّا***جعلنا اللّغو فاتــحة اللّـــسان
نُعلّم نسلنا فهماً عقـــــــــــيماً***بتنشئةٍ تُصاغُ من الهـــــوانِ
////
رسمتُ كآبتي بأسى الظّروفِ***ولونُ اللّيل أثّرَ في حـــروفي
رأيتُ أمانة التّدريس ضاعتْ***فعــوّقتِ الألــوفَ من الألوفِ
كأنّ مدارس الأوطان أمستْ***تُدرّسُ ما يقــودُ إلى الحتــوفِ
وتلك مصيبةٌ سقطتْ عــــــلينا***فلقّبها الأكابرُ بالظّــــــروفِ
وإن نحن استمرّ بنا التّدنّي***سنرجعُ في الحياة إلى الكــهوفِ
////
ثقافتنا أصــــــيبت بالوباء***فـــعادت بالعــــــقول إلى الوراء
ألم تر أنّنا نلغو ونـــــعوي***وننهق كالحـــمير من الغــــباء؟
تأمّل حالنا في كلّ حـــــقل***فما يجري يعدّ من البـــــــــغاء
كأنّ نفوسنا غلبت علينا***بخوض البغي في ســــــوق النّـساء
نحمحم كالبغال لكلّ أنثى***وداء البغي صـــــــعب في الدّواء
////
تعالى ربّنا عمّا نـــقول***وربّ العــــــــرش ترهبـــه العـقول
نرى الدنيا ومن أضحى عليها***نعــيما بالتّــــــــوهّم لا يزول
وتلك خديعة لا ريب فيها***سيكشفــــــها بظلـــــــــمته الأفول
ومن ظنّ الحياة بلا وفاة***فقد لعبت بصـــــــــحوته المـــيول
فلا تطمع فإنّ الموت آت***ودفن النّاس تفرضه الأصـــــــول
////
نُحوْقِلُ في المساء وفي الصّباح***ونُجْهرُ بالنّداء على الــفلاح
ونسجدُ في الصّلاة بلا خشوعٍ***ونُسرعُ كيْ نـــعودَ إلى النُّباحِ
وإن خطب الإمامُ وقال حقّاً***بدعوتنا إلى قـــيمِ الصّـــــــلاح
تجاهلْنا السّماعَ له احتقاراً***وخُضْنا في القبيح من الطّــــلاح
وهذا الحالُ شرٌّ مستطيرٌ***سيهجُمُ بالغروبِ على الصّـــــباح
////
ألا يا أمّة القرآن عــــودي***إلى رُشْدِ البُناةِ من الجـــــــدود
ألا عودي فإنّ الظّلم أضحى***شبيهاً بالّذي عند اليـــــــــهود
تصاعدت القساوةُ في بلادي***وأمسى القهرُ من سُننِ الوجود
وعضّ الفقر بالأنياب شعبا***أضاع العمر يرقب في الوعـود
فذكّر إنّما الذّكـــــرى نداء***يراد به التّــــــــــــقيّد بالحـدود
////
أحسّ بأنّني شرسُ الكلام***لدى الجهّال من صـــــنف اللّئام
ولست بنادم عن كلّ حرف***رجمت به الضّـــباع من الأنام
سأبقى ناظما مادمت حيّا***على خطّ النّـــــضال مع الكرام
فدعني لا أريدك أن تلمــني***فإنّ اللّـــــوم من سفه الكلام
وقل لي لفظة تحيي ضميري***لأخرج في الحياة من الظّلام
محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة