الــــوصــــــف الــــــشّـــــــــا فـــي فـــي أ شــــعـــــا ر الـــــرّصـــــا فــــي

الوصف الشّافي في أشعار الرّصافي

هو معروف الرّصافي شاعر وكاتب عراقي من أصول كردية ومن ماليد بغداد سنة1875م.وقيل أنّ أصله ينحدر من العلويين.كانت حياته مليئة بالأحداث الثقافية والسياسية،إذ عاش طفولة محرومة من حنان الأب الذي كان دائم السفر خارج بغداد بحيث لا يراه شاعرنا الصبيّ إلاّ قليلا،لكنّ أمّه وجدّته عوّضتا ذلك النّقص بالدّفئ والحنان.ذلك أنّ أمّه أرسلته في سنّ مبكّرة إلى كتّاب المدينة ليستظهر القرآن الكريم وليتعلّم الكتابة ،ثمّ أدخله بعد ذلك أبوه إلى المدرسة العسكرية،إلاّ أنّ ميول معروف الرصافي إلى الشعر،ومحبّته الشّديدة للحرّية كانتا كافيتين لتنفيره من هذه المدرسة بعد أن قضى بها سنتين.وهكذا انصرف إلى الدّرس الحرّ فدخل مدرسة محمود شكري الألوسي الدّينية،وتلقّن فيها العلوم الأدبية والعلمية،ولازم أستاذه مدّة طويلة ممّا أهّله للمشاركة في نهضة العراق الفكرية والسيّاسية.وقد عمل في جقل التّدريس بالمدرسة الملكية بالقسطنطينية وفي مدرسة الواعظين التابعة لوزارة الأوقاف،ثمّ استدعي إلى القدس للتّدريس في مدرسة المعلّمين،وعيّن رئيسا للجنة التّرجمة والتّعريب في وزارة المعارف.وفي الانتخابات انتخب عضوا في مجلس النّوّاب العراقي.وبسبب مجافات الحكومة له اعتزل فيآخر حياته النّاس،وتوفي رحمه الله سنة 1945م ودفن في بغداد.

وللرصافي أعمال كثيرة ومتنوّعة في الشّعر والنّثر واللّغة والأدب.وله ديوان ضخم يعرف باسم "الرّصافيات".وقد تولّى طبعه وتبويب قصائده وتفسير غريبها محيي الدين الخيّاط والشيخ مصطفى الغيلاني.وهكذا أضيفت إليه بعض قصائده المنسية،ورتّب على أحد عشر بابا،بعد أن كانـــــــت محصورة في أربعة أبواب فقــــــط.وهــــــــــــــذه الأبواب هــــــــي:الكـــــــونيات،والاجتــــــــماعيـــــــــــــات،والفلـــــــسفيات،والــوصـفيات ،والمراثي،والنسائيات،والتاريخيات،والسيّاسيات،والحربيات،والوضعيات،والحريقيات.
وقد تميّز شعر الرصافي بسلاسة الأداء ومتانة اللغة ورصانة الأسلوب والدّقّة في الوصف إذ نزع في ذلك نزعة إصلاحية بعد أن تمكّن من نقل أحداث عصره وعجائب دهره عبر لطافة شعره وسلاسة نثره.وصف الحياة الحاضرة في نواحيها المتنوعة السياسية منها والاجتماعية
،ونهج في ذلك طرق الأقدمين تعبيرا وصناعة،وتطرّق لأغراضهم المختلفة،كما اعتنى بالقوافي الوسيقية وبالصناعة اللفظية إلاّ أنّ البعض من شعره لم يخل من الركاكة والحشو،ولا سيّما الشعر الذي نظمه في العهد الأوّل.ويعدّ معروف الرّصافي من شعراء العراق
المحدثين.يقول في قصيدته الرائعة"نحن والماضي":

 أرى مـــــــستقبل الأيّام ولّــــــى****بمطمح من يحاول أن يسودا

 فما بـــــلغ المقاصد غـــــير ساع****يردّد فـــــــي غد نظرا سديدا

 فوجّه وجــــــه عزمك نحــــو آت****ولا تلفت إلــــى الماضين جيدا

 وهل إن كان حاضــــــــرنا شقيا****نسود يكـــــــون ماضينا سعيدا؟

 تقدّم أيّها العـــــــــــربيّ شوطا****فإنّ أمامك العـــــــــيش الرّغيدا

 وأسّس في بنائك كــــــلّ مجد****طــــــــــريف،واترك المجد التّليدا

 فـــــــشرّ العالمين ذوو خمول****إذا فاخـــــــــــرتهم ذكروا الجدودا

أمّا الجانب السياسي فقد تحدّث عنه الرصافي بمرارة وأسف مفعم بالحزن والأسى حين لم ترغب الشعوب العربية في النهوض من سباتها العميق وظلّت تجترّ أمجاد الماضي دون أن تلتفت إلى متطلّبات الحاضر والمستقبل.وبسبب هذه الأوضاع المتردّية وتقهقهر الشعوب العربية كتب الرصافي قصيدته الشهيرة حيث قال فيها:

 ياقــــــــــوم لاتتـــــــــكلّموا****إنّ الكـــــــــلام محـــــــــــــــــــرّم

 نامـــــــوا ولا تستيقـــــــظوا****ما فـــــــاز إلاّ النّـــــــــــــــــــــــوم

 وتأخّــــــــروا عـــــــن كلّ ما****يقـــــــضي بأن تتــــــــــــــــــقدّموا

  أمّا السيّاسة فاتـــــــــــركوا****أبـــــدا وإلاّ تنــــــــــدمــــــــــــــــوا

 إنّ الســـــــيّاسة ســــــرّها****لو تعلـــــــــمون مــــــــــــــطلسم


                                                                                         محمد الدبلي الفاطمي

         

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة