أرى الأستاذ في وطني حقيرا

إخواني أخواتي أيّها القُرّاء الكرام

من العيبِ والعار أنْ يُهانُ المدرّس الذي حملَ أمانة تربية وتعليم الاجيال.وأيُّ أمّة يُهانُ فيها المُعلّم ويُحْتَقرُ على أيدي الرّعاعِ والمُتسلّطين إلاّ وضَعُفَ شأنُها وانْحَطّتْ مكانتها .وهذا ما لا نريدُهُ ولا نَصمتُ عليه باعْتبارهِ أسلوباً مُخْزِياً وشريعةً يتّبِعا ساكنة الغاب.
إنّ تطاولَ أعوانِ السُّلْطةِ على رجالِ التّعليم ونسائه بالضربِ والرّكْلِ والتّعْنيف بسبب وقفات أحتجاجية يطرحُ أكثر من سؤال في دولة تتّجهُ سياستها نحو دمقْرطةِ الحياةِ العامّة.وقصيدتي هذه جاءتْ كصرخةٍ رافضةٍ لهذه الإهانات المتكرّرة علماً أنّ المُعلّمَ كادَ أنْ يكونَ رسولا كما ورد على لسان أمير الشّعراء أحمد شوقي.

أرى الأستاذَ في وطني حقيرا
لم الأستاذُ يُصْرعُ بالهـــــراوهْ***ويُعصْرُ بالتًّسلُّط والقـَــــــــساوهْ؟
أليس العنفُ في وطني حراماً؟***وما سببُ التّـــــصرّف بالعداوهْ؟
رأيتُ هراوةَ الأمْنِ اســـتبدّتْ***وحــــــــــــوّلتِ الذّكاءَ إلى غبـاوهْ
تهاجمُ في الرّجالِ وفي النّساءِ***وتدفعُ بالحياة إلى الشّــــــــــــقاوهْ
وهذا ما أشاعَ الرّعـــــــبَ فينا***لأنّ العنـفَ يُدْمي بالهـــــــــراوهْ
////
لما الأستاذُ في بلدي يهانُ؟***لما التّعليمُ قهْــــــــــــــــــقرهُ الأوانُ؟
وكيف سنستطيعُ القولَ جهراً***بأنّ القمعَ أســـــــــــقطهُ الزّمانُ؟
تسلّـــــــط في بلادي كلُّ باغٍ***وشيّعنا التّــــــــــــملّقُ والهــــوانُ
وما من مارقٍ إلاّ وأضْحــــــى***من الأعيانِ فانْقلبَ المــــــــكانُ
وهذا في المظاهر زاد حيْفاً***فزادَ البطشُ وانتُـــــــــــهِكَ الأمانُ
////
لما الجلاّدُ في وطني يطاعُ؟***لما الأصــــــواتُ في بلدي تُبــاعُ؟
نبيعُ نفوسَنا بيعاً رخــــيصاً***وفي الأوهامِ أغْرقنا الضّـــــــــياعُ
ألم ترَ كيف أصـــــبحْنا نِعاجاً***يسوسُ شعوبنا البشـــرُ الضّباعُ؟
نُسافرُ في الملاهي كلّ يومٍ***وبيــــــــــــنَ صُفوفنا كثُرَ الرّعاعُ
ومن فقد الكرامةَ صــــار قنّاً***وحرُّ النّاسِ يصْــــــــــنعهُ اليراعُ
////
غزا علناً ثقافتَنا الهــــــــــــراءُ***وفـــــــوقَ رؤوسنا انْهدمَ البِـناءُ
هَرمْنا في الشعوبِ بفعْل جهلٍ***فما سلم الرّجالُ ولا النــــــــساءُ
غدوْنا مثل مُجـــــــــــتمعٍ يتيمٍ***يروّضُهُ التّقـــــــــــــهقرُ والبلاءُ
نُمارسُ في التّــسوّلِ كلّ صنفٍ***وفي صلواتنا كــــــــثُر الرّجاءُ
أطاح بنا التّــــــملّقُ في كمينٍ***وكبّلنا التّســــــــــــــــلّطُ والشّقاءُ
////
مدارسُنا تدهورَ مُــــــسْتواها***تُعلّـــــــــمُ ما تشاءُ على هـــواها
يسيرُ بها الفسادُ إلى كسادٍ***بفعل الغـــــــــــــشِّ إذْ فقدتْ رُؤاها
تلامذةُ المـــدارس في بلادي***أضاعوا الدّرسَ فهْـــــماً وانْتباها
يُعاني جلّهُمِ منْ ســـوءِ فقْهٍ***ونقــــــــصٍ في العــلومِ وما تلاها
وهذا في الحقـــيقة طالَ جدّا***فضيّــــــعتِ المدارسُ مُســتواها
////
فقدنا في النّــــهى أدباً ودينا***وجهلُ النّاس أفْقـــــــــــدنا اليقينا
أساء لنا السّــقوط بقعر كهف***فصرنا في الشّـــعوب البائسينا
وأرغمنا الفساد على التّدنّي***بغرســــه في الورى الدّاء اللّعينا
سماسرة البغاء غزوا بلادي***وكانوا من كبار المــــــــــارقينا
ذئاب الإنس بالظّلماء جاءوا***وقد نهبوا الخــــــــلائق أجمعينا
////
نريدهُ مغرباً بغدٍ جــــــــــديد***وعزمٍ في التّقدُّمِ من حـــــــــديد
نريدُ مدارساً لا لغْـــــــــوَ فيها***ونهــجاً في مُضاعفة الرّصيدِ
ونرغبُ في تطوّر مـــــستوانا***وشقِّ الدّربِ بالرّأي السّـــديدِ
فإنْ نحنُ استـــطعْنا خلعَ قهرٍ***سننعمُ حيــــــــــــنها بغدٍ وعيد
وإن نحن اكتفينا بالتّــــــمنّي***بقينا في الحضــيض مع العـبيد
////
أرى الأستاذَ في وطني حقيرا***وصبره للأذى فاق الحــميرا
يساء إليه في التّأجير عمدا***ليترك في الورى شــخصا فقيرا
وما ســــألوه يوما عن زمان***قضاه مع دفاتره أســــــــــيرا
وفي التّصحيح يسهر كلّ ليل***وعند الصّبح ينهض مستطيرا
فهل نرجو من الأستاذ علما***وقد فقد المكانة والمـــــــصيرا
محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة