شربت المرّ من غضب اللّيالي



شَربْتُ المرّ منْ غَضب اللّيالي
بِنشْرِ الوعْي يتّسعُ المجالُ***فيــــولَدُ منْ ثقــــــــافَتـــــنا الرّجــــــــالُ
ويحْيا المُلهمونَ بكلّ قطْر***حياةً تستــــــــــــــــــقيمُ بها الخــــــصالُ
فنُبْدعُ بالقرائحِ كلّ خلقٍ***وفــــــي أوْطانــــــنا يحْــــلو المـــــــــــــآلُ
وأمّا الآنَ فالإنسانُ أضحى***ضعـــيفاً قد ألــــمّ به الهُــــــــــــــــــزالُ
كأنّ شُعوبنا نامتْ فهانتْ***وفي أحْــــيائِها كَثُـــــــــــــرَ السُّــــــــــعالُُ
////
لماذا نحنُ نبدعُ في الحيلْ***ونؤْمنُ بالخـــــــــــــــــــــــداعِ وبالدّجــلْ؟
هل القيمُ استبدّ بها التّدنّي؟***أم البُلداءُ قد قـــــــــــــــتلوا الأمــــــــلْ؟
أجيبوني عن سؤالي لوْ سمحْتمْ***فقد كثُرَ الكلامُ بلا عـــــــــــــــــــملْ
أراكُمْ نائمينَ ولستُ أدْري***أهذا حالكُــــــــمْ أمْ ذا كَســــــــــــــــــلْ؟
تقهْقرْتُمْ فَأَصْبحْتُم عَبيداً***ولا أدْري متـــــــــــــــى يأتي الأجـــــــــلْ
////
حرامٌ أن نعيش على الشعير***ونصْبر للأذى صبْــــر الحــــــــــمير
ألم تر كيف أصبحنا شعوبا***تقاد مع الوحــــوش إلى السّــــــــــعير؟
تجمّد سعينا في كلّ حقل***وأمسى الكادحون علـــى الشّــــــــــــــفير
وصار الفقر مشتملا علينا***كأنّ الفــــــــــــــــقر أفضـــل للأجيــــــر
وعند النّوم تنهزم الأماني***فنكثر في الشّـــهـــيق وفي الزّفيـــــــــــر
////
بكلّية السّجون قرأت درسي***وتحت النّائبات كســــرت رأســــــــي
شربت المرّ من غضب اللّيالي***وضاق الصّدر من مأساة حبـســـي
وكنت أرى التّسلّط في حياتي***يحاصر جرعتي فتضيق نفســـــــي
وتلك دروسهم في السّجن كانت***وعـــــبر سرابها يزداد بأســــــــي
وأذكر أنّنــــــــــــــي في كلّ يوم***أسافر في المآسي عند أمــــــسي
////
بنشر الوعي تنتصر الشّعوب***ومن هــــــــــــفواتها تصحو القلوب
تدجّنت النّفوس على التّدنّي***وفي شرك الشّمال هوى الجــــــــنوب
وعربد غيّــــــــنا في كلّ فعل***فشاعت في مســــــــالكنا العـــــيوب
كأنّ شعوبنا فقــــدت هداها***فخاف النّاس وانطـــــــــــلق الهـــروب
وفي أوطاننا تجري المآسي***وشمس المـــــــــجد أدركها الغـــروب
////
سئمت العيش في وطن الخراب***وقد بيع القــــــــــطيع إلى الذّئاب
وأسفرت النّـــــــــــتائج عن بلاء***به الأوهام تسقط في السّـــــراب
وســــيق الكادحون وهم رقود***إلى عــــــــصر تنوّع في الخـــطاب
وليس بصحّ عند النّاس شيئ***وهم سئموا التّلاعب في الحــــــساب
كذلك يستــــحيل مع التّدنّي***تقــــــــــــــدّم من تعثّر في الكـــــتاب
////
سيسمع صرختي البشر اللّبيب***فيدرك أنّني رجل غـــــــــــــريب
أصبت بنكسة في قعر سجن***وتحت عمامتي اشتعل المـــــــشيب
قضيت عقوبة من دون ذنب***فأحرقني التّســــــــــــــــلّط واللّهيب
وكان الدّرس في حبسي عسيرا***فما نفع البكاء ولا النّـــــــــــحيب
وفي زنزانتي أمضيت تسعا***من السّنــــــــــــــوات دوّنها الرّقيب
////
درست السّحل في أدب السّجون***وكنت كمن تعلّــــــــــم بالجنون
شربت المرّ من خبب اللّيالي***فعشت مكبّلا بأذى السّـــــــــــجون
أصارع في النّهار ظنون نفسي***وفي الظّلماء ترعبــــني ظنوني
تكسّرت المآسي فوق رأسي***وفاض الدّمع فانتفــخت جـــــــفوني
وكان الله فـــي عوني كريما***فمرّ البأس وانفتــــــــحت عـــــيوني
محمد الدبلي الفاطمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع أبي الحــــسن ابــــــــن زنباع الطــــنجاوي في الطبــــيعة

سبينوزا وهوبز

هواتف مهمّة